العرض في الرئيسةفضاء حر

اليمن .. دولة ضعيفة تسمح لجماعات واحزاب احتلال وظيفتها وشرعيتها..؟

يمنات

د. فؤاد الصلاحي

رغم التعدد والتنوع الجهوي في اليمن وظهور نظامي حكم في منتصف القرن الماضي الا ان الجميع كان يرنو نحو بناء دولة موحدة قوية ذات نظام مدني ديمقراطي يستوعب الجميع وفق مبدأ المواطنة.

هنا فقط تخرج اليمن من اسر التاريخ بحمولته العصبوية وعقلية البداوة التي تمثلتها جماعات وقيادات واحزاب.

كان العام 1990 انفراجا وتتويجا لنضالات الشعب عبر كل تاريخه الحديث والمعاصر .. لكن مراكز القوى الفاسدة وجماعاتها التي تعمل ضدا على القانون وخارج مؤسسات الدولة افرغوا مضمون الوحدة من دلالاته وعملوا على تغييب الدولة وجعلوا من مراكزهم بديلا لها، فزادت الجروح في جسد الدولة والمجتمع مع حرب94 .. و وصولا الى انتفاضة الشعب في فبراير 2011 وما احدثته من زلزال في بنية السلطة والاحزاب السياسية، التقت مصالح الطرفين (النظام والاحزاب) في مبادرة وأدت الثورة وقتلت الشباب واستمر القتل العشوائي في كل المدن خاصة مدينة تعز.

اليوم في مفاوضات الكويت يتم التحايل والخروج على المرجعيات الناظمة للحوار والمؤسسة لثوابت الدولة والشرعية باعتماد لجان متعددة ومتنوعة في قضاياها واجنداتها تلهي المتحاورين قبل المجتمع وترجئ الحديث عن القضية الاساسية الى وقت غير معلوم.

و الاصل ان يتم الحوار في اول نقطة حول ايقاف الحروب والاقتتال والعدوان على الشعب من الخارج والداخل ثم الاعتراف بالدولة ومؤسساتها وبعد الاقرار بهذا تكون اللجان وغيرها.

و للعلم قد اتخذ قرار من الراعي الاقليمي الدولي باعتماد مسارين واتجاهين في بنية السلطة والدولة يجعلان الدولة رهينة بيد جماعات واحزاب من خلال قوة السلاح المنهوب من معسكرات الدولة.

و هنا يعاد انتاج مراكز قوى قديمة وجديدة لتكون هي الدولة وهو امر نراه يوميا من خلال التعيينات او من خلال تبعية هذه المراكز والشخصيات لدول بذاتها .. و الغريب في الامر هنا؛ بؤس وفد الحكومة حيث يوافق على كل المقترحات التي يقدمها المندوب الاممي والاخرون غير المرئيين في الصورة ممن يتدخلون في مسار المفاوضات واخر تقليعات هذا المندوب الاستنجاد بسبع من الناشطات في الفضاء المدني من اجل ممارسة ضغوط على طرفي الحوار، و بغض النظر عن ارتبطاتهن حزبيا وعصبويا لكن حضورهن ايجابي اتمنى ان لا يتحول الى واجهة اعلامية تخدم المندوب الاممي وحده.

اذا .. سيكون التوافق على دولة ضعيفة .. تعترف بجماعات واحزاب تنافسها وظيفتها بل وتحتلها احيانا وهو امر يشكل انتقاصا من حق الاخرين احزاب وجماعات مما يجعل حضورهم السياسي والمجتمعي مرهون بقوة السلاح المعترف به لأطراف محددة فقط .. فاذا لم يتم نزع الاسلحة من كل الجماعات والاحزاب خارج الدولة والشرعية وفقا للدستور، فلا دولة و لا حكومة فاعلة في اليمن.

و اذا لم يؤكد الجميع اهمية الدولة و واحديتها بنظامها الجمهوري ومظاهره المدنية فجولات قادمة من الصراع ستكون اشد ضراوة مما هي اليوم وسيكون للخارج دور في تدمير كل شيء داخل اليمن. بل و سيكون له دور داعم لاتجاهات عصبوية مناهضة للدولة تبني لها كنتونات مغلقة، ما يسهل للخارج اقتراح مناطق معزولة لتكون نهاية للدولة، و تجعل اليمن مسرحا – كما هو اليوم – للصراعات الاقليمية والدولية.

اليمن سيكون بخير بغياب كل قيادات اطراف الصراع عن المشهد السياسي وحضور مواطنين لم تتلوث ايدهم من المال العام ولا الارتباط بالخارج.

صفوة القول .. نعم لليمن و للاستقرار في دولة واحدة..؟

من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى